{ومَنْ خَفَّتْ موازينُهُ}: بأن رَجَحَتْ سيئاتُه على حسناتِهِ وأحاطتْ بها خطيئاتُهُ؛ {فأولئك الذين خَسِروا أنْفُسَهم}: كلُّ خسارةٍ غير هذه الخسارةِ؛ فإنَّها بالنسبة إليها سهلةٌ، ولكن هذه خسارةٌ صعبةٌ؛ لا يُجْبَرُ مُصابها، ولا يُسْتَدْرَكُ فائِتُها؛ خسارةٌ أبديَّة وشقاوةٌ سرمديَّة، قد خسر نفسَه الشريفة التي يتمكَّن بها من السعادة الأبديَّة، ففوَّتها هذا النعيم المقيم في جوار الربِّ الكريم. {في جهنَّمَ خالدونَ}: لا يخرُجون منها أبدَ الآبدينَ، وهذا الوعيد إنَّما هو ـ كما ذكرنا ـ لمن أحاطَتْ خطيئاتُهُ بحسناتِهِ، ولا يكون ذلك إلاَّ كافراً؛ فعلى هذا لا يُحاسَبُ محاسبةَ من توزَنُ حسناتُه وسيئاتُه؛ فإنَّهم لا حسنات لهم، ولكن تعدُّ أعمالُهم وتُحصى، فيوقَفون عليها، ويقرَّرون بها، ويُخْزَوْن بها. وأمَّا مَنْ مَعَهُ أصلُ الإيمان، ولكنْ عَظُمَتْ سيئاتُه، فرجَحَتْ على حسناتِهِ؛ فإنَّه وإن دَخَلَ النار؛ لا يَخْلُدُ فيها كما دلَّت على ذلك نصوص الكتاب والسنة.