{أفلم يَدَّبَّروا القولَ}؛ أي: أفلا يتفكَّرون في القرآن ويتأمَّلونه ويتدبَّرونه؛ أي: فإنَّهم لو تدبَّروه؛ لأوجبَ لهم الإيمانَ، ولَمَنَعَهم من الكفرِ، ولكن المصيبةَ التي أصابتهم بسبب إعراضهم عنه. ودل هذا على أنَّ تدبُّرَ القرآن يدعو إلى كلِّ خير ويعصِمُ من كلِّ شرٍّ، والذي منعهم من تدبُّرِهِ أنَّ على قلوبِهِم أقفالُها. {أم جاءهم ما لم يأتِ آباءَهُمُ الأوَّلينَ}؛ أي: أَوَ منعهم من الإيمان أنَّه جاءهم رسولٌ وكتابٌ ما جاء آباءَهم الأوَّلين، فرضوا بسلوك طريقِ آبائِهِم الضالِّين، وعارَضوا كلَّ ما خالفَ ذلك! ولهذا قالوا هم ومن أشبههم من الكفار ما أخبر الله عنهم: {وكذلك ما أرْسَلْنا من قبلِكَ في قريةٍ من نذيرٍ إلاَّ قال مُتْرَفوها إنَّا وَجَدْنا آباءَنا على أمَّةٍ وإنَّا على آثارِهِم مُقتدونَ}. فأجابهم بقوله: {قال أوَلَوْ جئتُكم بأهدى ممَّا وَجَدْتم عليه آباءَكم فهل تَتَّبِعونِ}: إنْ كان قصدُكم الحقَّ. فأجابوا بحقيقةِ أمرِهم: {قالوا إنا بما أرسِلْتم به كافرونَ}.