ثم انتقل إلى إقرارهم بما هو أعمُّ من ذلك كلِّه، فقال:
{قل من بيدِهِ ملكوتُ كلِّ شيءٍ}؛ أي: ملك كل شيء من العالم العلويِّ والعالم السفليِّ، ما نبصِرُه وما لا نبصِرُه، والملكوتُ صيغةُ مبالغةٍ؛ بمعنى الملك.
{وهو يُجيرُ}: عباده من الشرِّ ويدفعُ عنهم المكارِهَ ويحفَظُهم مما يضرُّهم،
{ولا يُجارُ عليه}؛ أي: لا يقدر أحدٌ أن يجيرَ على الله ولا يدفَعَ الشرَّ الذي قدَّره الله، بل ولا يشفَعُ أحدٌ عنده إلاَّ بإذنه.
{سيقولون لله}؛ أي: سيقرُّون أنَّ الله المالك لكل شيءٍ، المجيرُ الذي لا يُجار عليه،
{قل} لهم حين يقرُّون بذلك ملزِماً لهم:
{فأنَّى تُسْحَرونَ}؛ أي: فأين تذهبُ عقولُكم حيث عبدتم مَنْ علمتم أنَّهم لا مُلك لهم ولا قِسْطَ من الملك، وأنَّهم عاجزون من جميع الوجوه، وتركتُم
الإخلاص للمالِكِ العظيم القادرِ المدبِّر لجميع الأمور؟ فالعقول التي دلَّتكم على هذا لا تكون إلاَّ مسحورةً، وهي بلا شكٍّ قد سَحَرَها الشيطانُ بما زيَّنَ لهم، وحسَّنَ لهم وقَلَبَ الحقائق لهم فَسَحَرَ عقولَهم، كما سَحَرَت السحرةُ أعينَ الناس.