يخبرُ تعالى عن حال مَنْ حَضَرَهُ الموت من المفرِّطين الظَّالمين: أنَّه يندمُ في تلك الحال إذا رأى مآله، وشاهَدَ قُبْحَ أعماله، فيطلبُ الرجعة إلى الدنيا، لا للتمتُّع بلذَّاتها واقتطاف شَهَواتها، وإنَّما ذلك يقول: {لعلِّي أعملُ صالحاً فيما تركتُ}: من العمل وفرَّطْتُ في جَنْب الله. {كلاَّ}؛ أي: لا رجعةَ له ولا إمهالَ، قد قضى اللهُ أنَّهم إليها لا يُرْجَعون، {إنَّها}؛ أي: مقالتُه التي تمنَّى فيها الرجوعَ إلى الدُّنيا {كلمةٌ هو قائلُها}؛ أي: مجرد قول باللسانِ، لا يفيدُ صاحبَه إلاَّ الحسرةَ والندم، وهو أيضاً غير صادقٍ في ذلك؛ فإنَّه لَوْ رُدَّ لَعادَ لما نُهِيَ عنه. {ومن ورائِهِم برزخٌ إلى يوم يُبْعَثونَ}؛ أي: من أمامهم وبين أيديهم برزخٌ، وهو الحاجز بين الشيئين؛ فهو هنا الحاجزُ بين الدُّنيا والآخرة، وفي هذا البرزخ يتنعَّم المطيعونَ، ويعذَّبُ العاصونَ من موتِهِم إلى يوم يبعثونَ؛ أي: فَلْيَعُدُّوا له عُدَّتَهُ، وليأخذوا له أُهْبَتَهُ.