ولما ذَكَرَ فضل الطاعة في الحكم خصوصاً؛ ذَكَرَ فضلَها عموماً في جميع الأحوال، فقال:
{ومَنْ يُطِع اللهَ ورسولَه}: فيصدِّقُ خَبَرَهُما ويمتثلُ أمْرَهُما
{ويَخْشَ الله}؛ أي: يخافُه خوفاً مقروناً بمعرفة، فيترُكُ ما نهى عنه، ويكفُّ نفسَه عمَّا تَهْوى، ولهذا قال:
{وَيَتَّقْهِ}: بترك المحظور؛ لأن التَّقْوى عند الإطلاق يدخُلُ فيها فعلُ المأمور وتركُ المنهيِّ عنه، وعند اقترانها بالبرِّ أو الطاعة ـ كما في هذا الموضع ـ تفسَّر بتوقِّي عذاب الله بترك معاصيه.
{فأولئك}: الذين جَمَعوا بين طاعةِ الله وطاعةِ رسوله، وخشيةِ الله وتقواه
{هم الفائزون}: بنجاتِهِم من العذاب؛ لتركِهم أسبابَه، ووصولِهم إلى الثواب؛ لفعلهم أسبابه؛ فالفوزُ محصورٌ فيهم، وأمَّا مَنْ لم يتَّصِفْ بوصفِهم؛ فإنَّه يفوته من الفوز بحسب ما قصَّر عنه من هذه الأوصافِ الحميدة. واشتملتْ هذه الآيةُ على الحقِّ المشترك بين الله وبين رسوله، وهو الطاعةُ المستلزمةُ للإيمان، والحقِّ المختص بالله، وهو الخشيةُ والتقوى، وبقي الحقُّ الثالث المختصُّ بالرسول، وهو التعزيرُ والتوقيرُ؛ كما جَمَعَ بين الحقوق الثلاثة في سورة
الفتح في قوله:
{لِتُؤْمِنوا باللهِ ورسولِهِ وتعزِّروهُ وتوقِّروهُ وتسبِّحوهُ بُكْرَةً وأصيلاً}.