{لا تجعلوا دُعاءَ الرسول بينَكم كدعاءِ بعضِكُم بعضاً}؛ [أي لا تجعلوا دُعاءَ الرَّسولِ إيَّاكُم، ودُعَاءَكم للرَّسولِ كَدُعاءِ بَعْضِكم بَعْضاً]، فإذا دعاكم؛ فأجيبوه وجوباً، حتى إنه تجبُ إجابة الرسول - صلى الله عليه وسلم - في حال الصلاة، وليس أحدٌ إذا قال قولاً يجبُ على الأمَّة قَبولُ قولِهِ والعملُ به إلاَّ الرسول؛ لعصمتِهِ، وكونِنا مخاطَبينَ باتِّباعه؛ قال تعالى: {يا أيُّها الذين آمنوا اسْتَجيبوا للهِ وللرسولِ إذا دَعاكُم لِما يُحْييكُم}. وكذلك لا تجعلوا دعاءكم للرَّسول كدُعاءِ بعضِكُم بعضاً؛ فلا تقولوا: يا محمدُ عند ندائِكم، أو: يا محمد بن عبد الله! كما يقولُ ذلك بعضُكم لبعض، بل من شرفِهِ وفضلِهِ وتميُّزِهِ - صلى الله عليه وسلم - عن غيرِهِ أنْ يُقال: يا رسولَ الله! يا نبيَّ الله! {قد يعلم الله الذين يتسلَّلونَ منكم لِواذاً}. لما مَدَحَ المؤمنين بالله ورسولِهِ الذين إذا كانوا معه على أمرٍ جامع لم يَذْهبوا حتى يستأذِنوه؛ توعَّدَ مَنْ لم يفعلْ ذلك وذَهَبَ من غير استئذانٍ؛ فهو؛ وإن خفي عليكم بذَهابه على وجهٍ خفيٍّ، وهو المراد بقوله: {يتسلَّلون مِنكم لِواذاً}؛ أي: يلوذون وقتَ تسلُّلهم وانطلاقهم بشيء يحجُبُهم عن العيون؛ فالله يعلمهم، وسيجازيهم على ذلك أتمَّ الجزاء، ولهذا توعَّدهم بقولِهِ: {فليحذرِ الذين يخالفونَ عن أمرِهِ}؛ أي: يذهبون إلى بعض شؤونهم عن أمرِ الله ورسولِهِ؛ فكيف بمَنْ لم يذهبْ إلى شأن من شؤونه، وإنَّما تركَ أمرَ الله من دون شغل له؛ {أن تُصيبَهم فتنةٌ}؛ أي: شركٌ وشرٌّ، {أو يُصيبَهم عذابٌ أليمٌ}.