ولمَّا كانت تلك الأقوالُ التي قالوها معلومةَ الفسادِ؛ أخبر تعالى أنَّها لم تصدُرْ منهم لطلبِ الحقِّ ولا لاتِّباع البرهان، وإنما صدرت منهم تعنُّتاً وظلماً وتكذيباً بالحق، فقالوا ما في قلوبهم من ذلك، ولهذا قال: {بل كذَّبوا بالساعةِ}: والمكذِّبُ المتعنِّتُ الذي ليس له قصدٌ في اتِّباع الحق لا سبيلَ إلى هدايتِهِ ولا حيلةَ في مجادلتِهِ، وإنَّما له حيلةٌ واحدةٌ، وهي نزولُ العذاب به؛ فلهذا قال: {وأعْتَدْنا لمن كَذَّبَ بالساعةِ سعيراً}؛ أي: ناراً عظيمةً قد اشتدَّ سعيرُها وتغيَّظَتْ على أهلها واشتدَّ زفيرُها.