ولما كانت هذه الأقوال منهم عجيبةً جدًّا؛ قال تعالى: {انظُرْ كيفَ ضربوا لك الأمثالَ}: وهي: هلاَّ كان مَلَكاً وزالتْ عنه خصائصُ البشر، أو معهُ مَلَكٌ لأنه غير قادرٍ على ما قال، أو أنزِلَ عليه كنزٌ، أو جُعِلَتْ له جنةٌ تُغنيه عن المشي في الأسواق، أو أنه كان مسحوراً. {فضلُّوا فلا [يستطيعون] سبيلاً}: قالوا: أقوالاً متناقضةً، كلُّها جهلٌ وضلالٌ وسفهٌ، ليس في شيء منها هدايةٌ، بل ولا في شيء منها أدنى شبهةٍ تقدحُ في الرسالة، فبمجرَّدِ النظرِ إليها وتصوُّرها يجزم العاقل ببطلانها، ويكفيه عن ردِّها. ولهذا أمر تعالى بالنظر إليها وتدبُّرِها والنظرِ: هل توجِبُ التوقُّف عن الجزم للرسول بالرسالة والصدق؟!