ربَّما قيل: لعلَّه يكثُر مدعو الإيمان؛ فهل يُقبل من كلِّ أحدٍ ادَّعى أنه مؤمنٌ ذلك؟ أم لا بدَّ لذلك من دليل وهو الحقُّ؟ فلذلك بيَّن تعالى صفة المؤمنين، فقال: {الذين يقيمون الصلاة}: فرضَها ونفلَها؛ فيأتون بأفعالها الظاهرة من أركانها وشروطها وواجباتها [بل] ومستحبَّاتها وأفعالها الباطنة وهو الخشوع الذي هو روحها ولبُّها؛ باستحضار قرب الله وتدبُّر ما يقوله المصلي ويفعلُه، {ويؤتون الزَّكاة}: المفروضة لمستحقِّها. {وهم بالآخرة هم يوقِنونَ}؛ أي: قد بلغ معهم الإيمانُ إلى أن وَصَلَ إلى درجة اليقين، وهو العلم التامُّ الواصل إلى القلب الدَّاعي إلى العمل، ويقينهم بالآخرة يقتضي كمال سعيِهِم لها وحَذَرِهم من أسباب العذاب وموجبات العقاب، وهذا أصلُ كلِّ خير.