فمن حزمها وعقلها أنْ جمعت كبارَ دولتها ورجال مملكَتِها وقالت: {يا أيُّها الملأ أفتوني في أمري}؛ أي: أخبروني ماذا نجيبُه به؟! وهل ندخُلُ تحت طاعتِهِ وننقادُ أم ماذا نفعل؟! {ما كنتُ قاطعةً أمراً حتى تَشْهَدونِ}؛ أي: ما كنتُ مستبدَّةً بأمرٍ دون رأيكم ومشورَتِكم، {قالوا نحنُ أولو قوَّةٍ وأولو بأس شديدٍ}؛ أي: إن رددتِ عليه قولَه، ولم تدخُلي في طاعتِهِ؛ فإنَّا أقوياء على القتال. فكأنَّهم مالوا إلى هذا الرأي الذي لو تمَّ، لكان فيه دمارُهم، ولكنَّهم أيضاً لم يستقرُّوا عليه، بل قالوا: {والأمرُ إليكِ}؛ أي: الرأي ما رأيتِ؛ لعلمهم بعقلِها وحزمِها ونُصحها لهم، {فانظُري}: نظر فكرٍ وتدبُّر {ماذا تأمُرينَ}.