فلمَّا جرى منه قَتْلُ الذي هو من عدوِّه؛ أصبح {في المدينةِ خائفاً يترقَّبُ}: هل يشعرُ به آلُ فرعون أم لا؟ وإنما خاف لأنَّه قد عَلِمَ أنَّه لا يتجرأ أحدٌ على مثل هذه الحال سوى موسى من بني إسرائيل. فبينما هو على تلك الحال؛ {فإذا الذي استنصره بالأمس}: على عدوِّه. {يَسْتَصْرِخُه}: على قبطيٍّ آخر، {قال له موسى}: موبخاً على حاله: {إنَّك لَغَوِيٌ مبينٌ}؛ أي: بَيِّنُ الغواية ظاهر الجراءة، {فلما أن أراد أن يبطش}: موسى {بالذي هو عدو لهما}: أي له وللمخاصِم المستصرِخ لموسى؛ أي: لم يزل اللجاجُ بين القبطيِّ والإسرائيليِّ، وهو يستغيثُ بموسى، فأخذته الحميَّة، حتى همَّ أن يبطشَ بالقبطي، فَـ {قَالَ} له القبطيُّ زاجراً له عن قتله: {أتريدُ أن تَقْتُلَني كما قَتَلْت نفساً بالأمس إن تريدُ إلاَّ أن تكونَ جبَّاراً في الأرض}: لأنَّ من أعظم آثارِ الجبَّارِ في الأرض قتلَ النفس بغير حق. {وما تريدُ أن تكونَ من المصلِحين}: وإلاَّ؛ فلو أردت الإصلاح؛ لَحُلْتَ بيني وبينَه من غير قتل أحدٍ. فانكفَّ موسى عن قتلِهِ، وارْعوى لوعظِهِ وزجرِهِ.