{قالتْ إحداهُما}؛ أي: إحدى ابنتيهِ: {يا أبتِ اسْتَأجِرْه}؛ أي: اجْعَلْه أجيراً عندك يرعى الغنم ويسقيها، {إنَّ خير مَنِ استأجرتَ القويُّ الأمينُ}؛ أي: إنَّ موسى أولى مَنِ استُؤْجِرَ؛ فإنَّه جمع القوَّة والأمانة، وخير أجيرٍ استُؤْجِرَ مَن جَمَعَهما؛ [أي]: القوَّة والقدرة على ما استُؤْجِرَ عليه، والأمانة فيه بعدم الخيانة، وهذان الوصفان ينبغي اعتبارُهما في كلِّ مَنْ يَتَوَلَّى للإنسان عملاً بإجارة أو غيرها؛ فإنَّ الخلل لا يكون إلا بفقدِهِما أو فقد إحداهما، وأمَّا اجتماعُهما؛ فإنَّ العمل يتمُّ ويكمُلُ. وإنَّما قالت ذلك لأنَّها شاهدت من قوَّةِ موسى عند السَّقْي لهما ونشاطِهِ ما عَرَفَتْ به قوَّته، وشاهدتْ من أمانتِهِ وديانتِهِ وأنَّه رحمهما في حالةٍ لا يُرجى نفعهما، وإنَّما قصدُه بذلك وجه الله تعالى.