سورة القصص تفسير السعدي الآية 31

وَأَنۡ أَلۡقِ عَصَاكَۚ فَلَمَّا رَءَاهَا تَهۡتَزُّ كَأَنَّهَا جَاۤنࣱّ وَلَّىٰ مُدۡبِرࣰا وَلَمۡ یُعَقِّبۡۚ یَـٰمُوسَىٰۤ أَقۡبِلۡ وَلَا تَخَفۡۖ إِنَّكَ مِنَ ٱلۡـَٔامِنِینَ ﴿٣١﴾

تفسير السعدي سورة القصص

{وأنْ ألقِ عصاكَ}: فألقاها، {فلمَّا رآها تَهْتَزُّ}: تسعى سعياً شديداً، ولها صورةٌ مُهيلة {كأنها جانٌّ}: ذكرُ الحيات العظيم، {ولَّى مُدْبِراً ولم يُعَقِّبْ}؛ أي: يرجِع لاستيلاء الروع على قلبه، فقال الله له: {يا موسى أقْبِلْ ولا تَخَفْ إنَّك من الآمنين}: وهذا أبلغُ ما يكون في التأمين وعدم الخوف؛ فإنَّ قولَه: {أقبل}: يقتضي الأمر بإقباله ويجب عليه الامتثال، ولكن قد يكونُ إقبالُهُ وهو لم يزل الأمرُ المخوفُ، فقال: {ولا تَخَفْ}: أمر له بشيئين: إقباله، وأنْ لا يكون في قلبِهِ خوفٌ. ولكن يبقى احتمالٌ، وهو أنَّه قد يُقْبِلُ وهو غير خائفٍ، ولكن لا تحصُلُ له الوقاية والأمن من المكروه فقال: {إنك من الآمنين}: فحينئذٍ اندفع المحذور من جميع الوجوه. فأقبل موسى عليه السلام غير خائف ولا مرعوبٍ، بل مطمئنًّا واثقاً بخبر ربِّه، قد ازداد إيمانُه وتمَّ يقينُه. فهذه آيةٌ أراه الله إيَّاها قبل ذَهابه إلى فرعون؛ ليكونَ على يقين تامٍّ، ليكون أجرأ له وأقوى وأصلب.