هذه الآياتُ فيها عمومُ خلقِهِ لسائر المخلوقات، ونفوذُ مشيئَتِهِ بجميع البريَّات، وانفرادُهُ باختيار من يختارُهُ ويختصُّه من الأشخاص والأوامر والأزمان والأماكن، وأنَّ أحداً ليس له من الأمر والاختيار شيءٌ، وأنَّه تعالى منزَّه عن كلِّ ما يشركون به من الشريك والظهير والعَوين والولد والصاحبة ونحو ذلك مما أشرك به المشركون، وأنَّه العالمُ بما أكنَّتْهُ الصدور وما أعلنوه، وأنَّه وحدَه المعبودُ المحمودُ في الدنيا والآخرة على ما له من صفاتِ الجلال والجمال، وعلى ما أسداه إلى خلقِهِ من الإحسان والإفضال، وأنَّه هو الحاكم في الدارين؛ في الدُّنيا بالحكم القدريِّ الذي أثَرُهُ جميعُ ما خَلَقَ وذَرَأ، والحكم الدينيِّ الذي أثَرُهُ جميعُ الشرائع والأوامر والنواهي. وفي الآخرة يحكم بحكمِهِ القدريِّ والجزائيِّ، ولهذا قال: {وإليه تُرْجَعونَ}: فيجازي كلًّا منكم بعملِهِ من خيرٍ وشرٍّ.