فَـ {قَالَ} قارونُ رادًّا لنصيحتِهِم كافراً لنعمةِ ربِّه: {إنَّما أوتيتُهُ على علم عندي}؛ أي: إنَّما أدركتُ هذه الأموالَ بكسبي ومعرفتي بوجوه المكاسب وحِذْقي. أو: على علم من اللهِ بحالي؛ يعلمُ أنِّي أهلٌ لذلك؛ فلم تنصحوني على ما أعطاني الله؟! قال تعالى مبيِّناً أنَّ عطاءَه ليس دليلاً على حسنِ حالةِ المُعْطَى: {أوَلَمْ يعلمْ أنَّ الله قد أهْلَكَ من قبلِهِ من القرونِ مَنْ هو أشدُّ منه قوَّةً وأكثرُ جمعاً}: فما المانعُ من إهلاك قارون مع مضيِّ عادتِنا وسنَّتِنا بإهلاك مَن هُو مثلُه وأعظمُ منه إذا فَعَلَ ما يوجِب الهلاك؟! {ولا يُسْألُ عن ذنوبِهِمُ المجرمونَ}: بل يعاقِبُهم الله ويعذِّبهم على ما يعلمُه منهم؛ فهم وإن أثْبتوا لأنفسِهِم حالةً حسنةً وشهِدوا لها بالنَّجاة؛ فليس قولُهم مقبولاً، وليس ذلك رادًّا عنهم من العذاب شيئاً؛ لأنَّ ذنوبَهم غيرُ خفيةٍ؛ فإنكارُهم لها لا محلَّ له.