يذكر تعالى أنَّه أرسل خليله إبراهيم عليه السلام إلى قومه يَدْعوهم إلى الله، فقال لهم: {اعبُدوا اللهَ}؛ أي: وحِّدوه وأخلِصوا له العبادةَ وامتَثِلوا ما أمركم به، {واتَّقوه}: أن يغضبَ عليكم فيعذِّبَكم، وذلك بترك ما يُغضبه من المعاصي. {ذلكم}؛ أي: عبادة الله وتقواه {خيرٌ لكم}: من ترك ذلك، وهذا من باب إطلاق أفعل التفضيل بما ليس في الطرف الآخر منه شيء؛ فإنَّ تَرْكَ عبادةِ الله وتَرْكَ تقواه لا خير فيه بوجهٍ، وإنَّما كانت عبادة الله وتقواه خيراً للناس لأنَّه لا سبيل إلى نيل كرامته في الدُّنيا والآخرة إلاَّ بذلك، وكلُّ خيرٍ يوجدُ في الدُّنيا والآخرة؛ فإنَّه من آثار عبادة الله وتقواه. {إن كنتُم تعلَمونَ}: ذلك؛ فاعلموا الإمور، وانظُروا ما هو أولى بالإيثار.