سورة العنكبوت تفسير السعدي الآية 41

مَثَلُ ٱلَّذِینَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوۡلِیَاۤءَ كَمَثَلِ ٱلۡعَنكَبُوتِ ٱتَّخَذَتۡ بَیۡتࣰاۖ وَإِنَّ أَوۡهَنَ ٱلۡبُیُوتِ لَبَیۡتُ ٱلۡعَنكَبُوتِۚ لَوۡ كَانُواْ یَعۡلَمُونَ ﴿٤١﴾

تفسير السعدي سورة العنكبوت

هذا مثلٌ ضربه الله لمن عَبَدَ معه غيرَه يقصدُ به التعزُّز والتقوِّي والنفع، وأنَّ الأمر بخلاف مقصوده؛ فإنَّ مَثَلَه كمثل العنكبوت اتَّخذت بيتاً يقيها من الحرِّ والبرد والآفات، {وإنَّ أوهنَ البيوتِ}: أضعفها وأوهاها {لبيتُ العنكبوتِ}: فالعنكبوت من الحيوانات الضعيفة، وبيتُها من أضعف البيوت؛ فما ازدادتْ باتِّخاذه إلاَّ ضعفاً. كذلك هؤلاء الذين يتَّخذون من دونه أولياء فقراء عاجزون من جميع الوجوه، وحين اتَّخذوا الأولياء من دونه يتعزَّزون بهم ويستَنْصِرونهم؛ ازدادوا ضَعْفاً إلى ضعفهم ووهناً إلى وهنهم؛ فإنَّهم اتَّكلوا عليهم في كثير من مصالحهم، وألْقَوْها عليهم، وتخلَّوْا هم عنها؛ على أنَّ أولئك سيقومون بها، فخذلوهم، فلم يحصُلوا منهم على طائل، ولا أنالوهم من معونتهم أقلَّ نائل؛ فلو كانوا يعلمون حقيقة العلم حالهم وحال مَن اتَّخذوهم؛ لم يَتَّخِذوهم، ولتبرؤوا منهم، ولتولَّوا الربَّ القادر الرحيم، الذي إذا تولاَّه عبدُه وتوكَّل عليه؛ كفاه مؤونة دينه ودنياه، وازداد قوَّة إلى قوَّته في قلبه وبدنه وحاله وأعماله.