هذا تحذير من الله لعباده عن ولاية الكفار واتخاذهم بطانة أو خصيصة وأصدقاء، يسرون إليهم ويفضون لهم بأسرار المؤمنين، فوضح لعباده المؤمنين الأمور الموجبة للبراءة من اتخاذهم بطانة، بأنهم {لا يألونكم خبالاً} أي حريصون غير مقصرين في إيصال الضرر بكم، وقد بدت البغضاء من كلامهم وفلتات ألسنتهم وما تخفيه صدورهم من البغضاء والعداوة {أكبر} مما ظهر لكم من أقوالهم وأفعالهم، فإن كانت لكم فهوم وعقول فقد وضح الله لكم أمرهم، وأيضاً فما الموجب لمحبتهم واتخاذهم أولياء وبطانة، وقد تعلمون منهم الانحراف العظيم في الدين وفي مقابلة إحسانكم؟ فأنتم مستقيمون على أديان الرسل تؤمنون بكل رسول أرسله الله وبكل كتاب أنزله الله وهم يكفرون بأجلّ الكتب وأشرف الرسل، وأنتم تبذلون لهم من الشفقة والمحبة ما لا يكافئونكم على أقل القليل منه، فكيف تحبونهم وهم لا يحبونكم وهم يداهنونكم وينافقونكم، فإذا لقوكم {قالوا آمنا وإذا خلوا} مع بني جنسهم {عضوا عليكم الأنامل} من شدة الغيظ والبغض لكم ولدينكم، قال تعالى: {قل موتوا بغيظكم}؛ أي: سترون من عز الإسلام وذل الكفر ما يسوءكم، وتموتون بغيظكم فلن تدركوا شفاء ذلك بما تقصدون {إن الله عليم بذات الصدور}؛ فلذلك بين لعباده المؤمنين ما تنطوي عليه صدور أعداء الدين من الكفار والمنافقين.