هذه الآية الكريمة فيها التزهيد في الدنيا بفنائها وعدم بقائها وأنها متاع الغرور، تفتن بزخرفها وتخدع بغرورها وتغر بمحاسنها، ثم هي منتقلِة ومنتقَل عنها إلى دار القرار التي توفَّى فيها النفوس ما عملت في هذه الدار من خير وشر {فمن زحزح}؛ أي: أخرج {عن النار وأدخل الجنة فقد فاز}؛ أي: حصل له الفوز العظيم بالنجاة من العذاب الأليم والوصول إلى جنات النعيم التي فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. ومفهوم الآية: أن من لم يزحزح عن النار، ويدخل الجنة فإنه لم يفز بل قد شقي الشقاء الأبدي، وابتلي بالعذاب السرمدي. وفي هذه الآية إشارة لطيفة إلى نعيم البرزخ وعذابه وأن العاملين يجزون فيه بعض الجزاء مما عملوه ويقدم لهم أنموذج مما أسلفوه، يفهم هذا من قوله: {وإنما توفون أجوركم يوم القيامة}؛ أي: توفية الأعمال التامة إنما يكون يوم القيامة، وأما ما دون ذلك فيكون في البرزخ، بل قد يكون قبل ذلك في الدنيا كقوله: {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر}.