يخبر تعالى: {إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب}، وفي ضمن ذلك حث العباد على التفكر فيها والتبصر بآياتها وتدبر خلقها. وأبهم قوله: {آيات}، ولم يقل على المطلب الفلاني إشارة لكثرتها وعمومها، وذلك لأن فيها من الآيات العجيبة ما يُبِهر الناظرين ويقنع المتفكرين ويجذب أفئدة الصادقين وينبه العقول النيرة على جميع المطالب الإلهية، فأما تفصيل ما اشتملت عليه فلا يمكِّن مخلوقاً أن يحصره ويحيط ببعضه، وفي الجملة فما فيها من العظمة والسعة وانتظام السير والحركة يدل على عظمة خالقها وعظمة سلطانه وشمول قدرته، وما فيها من الإحكام والإتقان وبديع الصنع ولطائف الفعل يدل على حكمة الله ووضعه الأشياء مواضعها وسعة علمه، وما فيها من المنافع للخلق يدل على سعة رحمة الله وعموم فضله وشمول بره ووجوب شكره، وكل ذلك يدل على تعلق القلب بخالقها ومبدعها وبذل الجهد في مرضاته، وأن لا يشرك به سواه ممن لا يملك لنفسه ولا لغيره مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء، وخص الله بالآيات أولي الألباب وهم أهل العقول لأنهم هم المنتفعون بها الناظرون إليها بعقولهم لا بأبصارهم.