{ربنا لا تزغ قلوبنا}؛ أي: لا تملها عن الحق إلى الباطل {بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة} تصلح بها أحوالنا؛ {إنك أنت الوهاب}؛ أي: كثير الفضل والهبات. وهذه الآية تصلح مثالاً للطريقة التي يتعين سلوكها في المتشابهات، وذلك أن الله تعالى ذكر عن الراسخين أنهم يسألونه أن لا يزيغ قلوبهم بعد إذ هداهم؛ وقد أخبر في آيات أخر الأسباب التي بها تزيغ قلوب أهل الانحراف وأن ذلك بسبب كسبهم كقوله: {فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم}؛ {ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم}؛ {ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة}؛ فالعبد إذا تولى عن ربه، ووالى عدوه، ورأى الحق فصدف عنه ورأى الباطل فاختاره ولاه الله ما تولى لنفسه، وأزاغ قلبه عقوبة له على زيغه، وما ظلمه الله ولكنه ظلم نفسه، فلا يلم إلا نفسه الأمارة بالسوء. والله أعلم.