يخبر تعالى بعظمة بيته الحرام، وأنه أول البيوت التي وضعها الله في الأرض لعبادته وإقامة ذكره، وأن فيه من البركات وأنواع الهدايات وتنوع المصالح والمنافع للعالمين شيء كثير وفضل غزير، وأن فيه آيات بينات تُذَكِّر بمقامات إبراهيم الخليل وتنقلاته في الحج ومن بعده تذكر بمقامات سيد الرسل وإمامهم، وفيه الأمن الذي من دخله كان آمناً قدراً مؤمناً شرعاً وديناً. فلما احتوى على هذه الأمور التي هذه مجملاتها وتكثر تفصيلاتها، أوجب الله حجّه على المكلفين المستطيعين إليه سبيلاً، وهو الذي يقدر على الوصول إليه بأي مركوب يناسبه وزاد يتزوده، ولهذا أتى بهذا اللفظ الذي يمكنه تطبيقه على جميع المركوبات الحادثة والتي ستحدث، وهذا من آيات القرآن حيث كانت أحكامه صالحة لكل زمان وكل حال ولا يمكن الصلاح التام بدونها. فمن أذعن لذلك وقام به فهو من المهتدين المؤمنين، ومن كفر فلم يلتزم حج بيته فهو خارج عن الدين، {ومن كفر فإن الله غني عن العالمين}.