وإذا عُلِمَ من هذا المثال أنَّ من اتَّخذ من دون الله شريكاً يعبُدُه ويتوكَّل عليه في أموره؛ فإنه ليس معه من الحقِّ شيءٌ؛ فما الذي أوجبَ لهم الإقدامَ على أمرٍ باطل توضَّح بطلانُه وظهر برهانُه؟ أوجب لهم ذلك اتِّباع الهوى، فلهذا قال: {بل اتَّبَعَ الذين ظَلَموا أهواءَهم بغيرِ علم}: هويت أنفسُهم الناقصةُ التي ظهر من نقصها ما تعلَّق به هواها أمراً يجزِمُ العقل بفسادِهِ والفِطَرُ بردِّه بغير علم دلَّهم عليه ولا برهان قادَهُم إليه، {فمن يهدي مَن أضلَّ الله}؛ أي: لا تعجبوا من عدم هدايتهم؛ فإنَّ الله تعالى أضلَّهم بظلمهم، ولا طريقَ لهداية من أضلَّ الله؛ لأنَّه ليس أحدٌ معارضاً لله أو منازعاً له في ملكه، {ومالهم من ناصِرينَ}: ينصُرونَهم حين تحقُّ عليهم كلمةُ العذاب، وتنقطِعُ بهم الوصل والأسباب.