يخبر تعالى عن طبيعة أكثر الناس في حال الرخاء والشدَّة أنَّهم إذا أذاقهم الله منه رحمةً من صحَّةٍ وغنى ونصرٍ ونحو ذلك؛ فرحوا بذلك فرحَ بَطَرٍ لا فرح شُكْرٍ وتبجُّح بنعمة الله. {وإنْ تُصِبْهم سيئةٌ}؛ أي: حالٌ تسوؤهم، وذلك {بما قدَّمت أيديهم}: من المعاصي، {إذا هم يَقْنَطون}: ييأسون من زوال ذلك الفقر والمرض ونحوه، وهذا جهلٌ منهم وعدم معرفة. {أوَلَمْ يرَوْا أنَّ الله يبسطُ الرزقَ لمن يشاء وَيَقْدِرُ}: فالقنوط بعدما علم أن الخير والشرَّ من الله والرزق سعته وضيقه من تقديره ضائعٌ ليس له محلٌّ؛ فلا تنظر أيُّها العاقل لمجرَّد الأسباب، بل اجعلْ نَظَرَكَ لمسبِّبها، ولهذا قال: {إنَّ في ذلك لآياتٍ لقوم يؤمنون}: فهم الذين يعتبِرونَ ببسطِ الله لِمَنْ يشاءُ وقَبْضِهِ، ويعرفون بذلك حكمة الله ورحْمته وجوده وجذب القلوب لسؤالِهِ في جميع مطالب الرزق.