يخبر تعالى عن سعةِ علمِهِ وعظيم اقتدارِهِ وكمال حكمتِهِ؛ أنَّه ابتدأ خَلْقَ الآدميين من ضَعْفٍ، وهو الأطوارُ الأولى من خلقِهِ من نطفةٍ إلى علقةٍ إلى مضغةٍ إلى أنْ صار حيواناً في الأرحام إلى أن وُلِدَ وهو في سنِّ الطُّفولية، وهو إذْ ذاك في غاية الضعفِ وعدم القوَّة والقدرة، ثمَّ ما زال الله يزيدُ في قوَّته شيئاً فشيئاً، حتى بلغ سنَّ الشبابَ، واستوتْ قوَّتُه، وكملتْ قواه الظاهرةُ والباطنةُ، ثم انتقل من هذا الطورِ ورجع إلى الضعف والشيبةِ والهرم. {يَخْلُقُ ما يشاءُ}: بحسب حكمتِهِ، ومن حكمتِهِ أن يُريَ العبدَ ضعفَه، وأنَّ قوَّتَه محفوفةٌ بضعفين، وأنَّه ليس له من نفسه إلا النقصُ، ولولا تقويةُ الله له؛ لما وصل إلى قوَّة وقدرة، ولو استمرَّتْ قوتُه في الزيادة؛ لطغى وبغى وعتا، وليعلم العبادُ كمالَ قدرةِ الله، التي لا تزال مستمرَّةً؛ يخلق بها الأشياء، ويدبِّر بها الأمورَ، ولا يلحقُها إعياءٌ ولا ضعفٌ ولا نقصٌ بوجه من الوجوه.