يشيرُ تعالى إشارةً دالَّةً على التعظيم إلى
{آيات الكتاب الحكيم}؛ أي: آياتُهُ محكمةٌ صدرتْ من حكيم خبير. ومن إحكامها أنَّها جاءت بأجلِّ الألفاظ وأفصحها وأبينها، الدالَّة على أجلِّ المعاني وأحسنها. ومن إحكامها أنها محفوظةٌ من التغييرِ والتبديل والزيادة والنقص والتحريف. ومن إحكامها أنَّ جميعَ ما فيها من الأخبار السابقةِ واللاحقة والأمور الغيبيَّة كلِّها مطابقةٌ للواقع، مطابقٌ لها الواقع، لم يخالِفْها كتابٌ من الكتب الإلهية، ولم يخبر بخلافها نبيٌّ من الأنبياء، ولم يأتِ ولن يأتيَ علم محسوسٌ ولا معقولٌ صحيحٌ يناقِضُ ما دلَّتْ عليه. ومن إحكامها أنها ما أَمَرَتْ بشيء إلاَّ وهو خالصُ المصلحة أو راجِحُها، ولا نَهَتْ عن شيء إلاَّ وهو خالصُ المفسدة أو راجِحُها، وكثيراً ما يجمع بين الأمر بالشيء مع ذكر حكمتِهِ وفائدتِهِ، والنهي عن الشيء مع ذكرِ مضرَّتِهِ. ومن إحكامها أنَّها جمعت بين الترغيب والترهيب والوعظ البليغ الذي تعتدل به النفوس الخيِّرة، وتحتكمُ فتعملُ بالحزم. ومن إحكامها: أنَّك تَجِدُ آياتها المتكرِّرة ك
القصص والأحكام ونحوها قد اتَّفقت كلُّها وتواطأت، فليس فيها تناقضٌ ولا اختلافٌ؛ فكلَّما ازدادَ بها البصير تدبُّراً وأعمل فيها العقل تفكُّراً؛ انبهر عقلُه وذهلَ لبُّه من التوافُق والتواطُؤ، وجزم جزماً لا يُمْتَرى فيه أنه تنزيلٌ من حكيم حميدٍ.