ولما ذكر أنَّ المنافقين عاهدوا الله لا يولُّون الأدبار ونقضوا ذلك العهد؛ ذكر وفاء المؤمنين به، فقال: {من المؤمنينَ رجالٌ صَدَقوا ما عاهَدوا الله عليه}؛ أي: وَفَّوْا به وأتموُّه وأكملوه، فبذلوا مُهَجَهُم في مرضاتِهِ، وسبَّلوا نفوسهم في طاعته. {فمنهم من قضى نحبَهُ}؛ أي: إرادته ومطلوبَه وما عليه من الحقِّ، فقُتل في سبيل الله أو مات مؤدياً لحقِّه لم ينقصْه شيئاً، {ومنهم مَن ينتظِرُ}: تكميل ما عليه؛ فهو شارعٌ في قضاء ما عليه ووفاء نحبِهِ ولما يُكْمِلْه، وهو في رجاء تكميله ساعٍ في ذلك مجدٌّ، {وما بَدَّلوا تبديلاً}: كما بدَّل غيرُهم، بل لم يزالوا على العهد، لا يلوون ولا يتغيرون؛ فهؤلاء الرجال على الحقيقة، ومن عداهم فصُورُهم صورُ رجال وأما الصفاتُ؛ فقد قَصُرَتْ عن صفاتِ الرجال.