هذه الأشياء التي وصف الله بها رسولَه محمداً - صلى الله عليه وسلم - هي المقصود من رسالتِهِ وزبدتها وأصولها التي اختصَّ بها، وهي خمسةُ أشياء: أحدها: كونُه {شاهداً}؛ أي: شاهداً على أمته بما عملوه من خيرٍ وشرٍّ؛ كما قال تعالى: {لِتكونوا شهداءَ على الناس ويكون الرسولُ عليكم شهيداً}، {فكيف إذا جئنا من كلِّ أمةٍ بشهيدٍ [وجئنا بك على هؤلاء شهيداً]}: فهو - صلى الله عليه وسلم - شاهدُ عدل مقبول. الثاني والثالث: كونه {مبشِّراً ونذيراً}: وهذا يستلزم ذكر المبشَّر والمنذَر وما يبشَّر به ويُنْذَرُ والأعمال الموجبة لذلك: فالمبشَّر هم المؤمنون المتقون، الذين جمعوا بين الإيمان والعمل الصالح وترك المعاصي، لهم البُشرى في الحياة الدنيا بكل ثواب دنيويٍّ ودينيٍّ رُتِّبَ على الإيمان والتقوى، وفي الأخرى بالنعيم المقيم، وذلك كلُّه يستلزم ذكر تفصيل المذكور من تفاصيل الأعمال وخصال التقوى وأنواع الثواب. والمنذَر هم المجرمون الظالمون، أهلُ الظلم والجهل، لهم النذارةُ في الدنيا من العقوبات الدنيويَّة والدينيَّة المرتَّبة على الجهل والظلم، وفي الأخرى بالعقاب الوبيل والعذاب الطويل. وهذه الجملة تفصيلُها ما جاء به - صلى الله عليه وسلم - من الكتاب والسنَّة المشتمل على ذلك.