لمَّا ذكر أنهنَّ لا يُسألن متاعاً إلاَّ من وراء حجاب، وكان اللفظُ عامًّا لكلِّ أحدٍ؛ احتيجَ أن يُستثنى منه هؤلاء المذكورون من المحارم، وأنَّه {لا جُناحَ عليهنَّ} في عدم الاحتجاب عنهم، ولم يذكر فيها الأعمام والأخوال؛ لأنَّهنَّ إذا لم يَحْتَجِبْنَ عمَّن هنَّ عماته وخالاته من أبناء الإخوة والأخوات مع رفعتهنَّ عليهم؛ فعدم احتجابهنَّ عن عمِّهنَّ وخالهنَّ من باب أولى، ولأنَّ منطوق الآية الأخرى المصرِّحة بذكر العمِّ والخال مقدَّمة على ما يُفهم من هذه الآية، وقوله: {ولا نسائهنَّ}؛ أي: لا جناح عليهن أن لا يحتجبن عن نسائهنَّ؛ أي: اللاتي من جنسهنَّ في الدين، فيكون ذلك مخرجاً لنساء الكفار، ويُحتمل أنَّ المراد جنس النساء؛ فإنَّ المرأة لا تحتجب عن المرأة، {ولا ما مَلَكَتْ أيمانُهُنَّ}: ما دام العبدُ في ملكها جميعه، ولما رفع الجناح عن هؤلاء؛ شَرَطَ فيه وفي غيره لزومَ تقوى الله، وأنْ لا يكون في ذلك محذورٌ شرعيٌّ، فقال: {واتَّقينَ الله}؛ أي: استعملْنَ تقواه في جميع الأحوال. {إن الله كان على كلِّ شيءٍ شهيداً}: يشهد أعمال العباد ظاهرها وباطنها، ويسمعُ أقوالهم، ويرى حركاتِهِم؛ ثم يجازيهم على ذلك أتمَّ الجزاء وأوفاه.