{قل}: لهم يا أيها الرسولُ، ومَنْ ناب منابك: {أروني الذين ألحقتم به شركاءَ}؛ أي: أين هم؟ وأين السبيل إلى معرفتهم؟ وهل هم في الأرض أم في السماء؟ فإنَّ عالم الغيب والشهادة قد أخبرنا أنَّه ليس في الوجودِ له شريكٌ: {ويعبُدونَ من دون الله ما لا يضرُّهم ولا يَنْفَعُهم ويقولون هؤلاءِ شفعاؤُنا عند اللهِ قل أتنبِّئونَ الله بما لا يعلمُ ... } [الآية]، {وما يتَّبِعُ الذين يدعونَ من دون الله شركاءَ؟ إنْ يتَّبِعونَ إلاَّ الظَّنَّ وإنْ هم إلاَّ يَخْرُصونَ}، وكذلك خواصُّ خلقِهِ من الأنبياء والمرسلين لا يعلَمون له شريكاً؛ فيا أيُّها المشركون! أروني الذين ألحقتم بزعمكم الباطل بالله شركاء! وهذا السؤال لا يمكنهم الإجابةُ عنه، ولهذا قال: {كلا}؛ أي: ليس للَّه شريكٌ ولا ندٌّ ولا ضدٌّ، {بل هو اللهُ}: الذي لا يستحقُّ التألُّه والتعبُّد إلاَّ هو {العزيزُ}: الذي قهر كلَّ شيء؛ فكلُّ ما سواه فهو مقهورٌ مسخَّر مدبَّر. {الحكيمُ}: الذي أتقن ما خَلَقَه، وأحسنَ ما شَرَعَه، ولو لم يكنْ في حكمتِهِ في شرعِهِ إلاَّ أنَّه أمر بتوحيده وإخلاص الدين له، وأحبَّ ذلك وجعله طريقاً للنجاة، ونهى عن الشرك به واتِّخاذ الأندادِ من دونِهِ، وجَعَلَ ذلك طريقاً للشقاء والهلاك؛ لكفى بذلك برهاناً على كمال حكمتِهِ؛ فكيف وجميعُ ما أمر به ونهى عنه مشتملٌ على الحكمة؟!