ولما تبيَّن الحقُّ بما دعا إليه الرسولُ، وكان المكذِّبونَ له يرمونَه بالضَّلال؛ أخبرهم بالحقِّ، ووضَّحه لهم وبيَّن لهم عَجْزَهُم عن مقاومتِهِ، وأخبرَهَم أنَّ رميَهم له بالضلال ليس بضائرٍ الحقَّ شيئاً ولا دافع ما جاء به، وأنَّه إنْ ضلَّ ـ وحاشاه من ذلك، لكن على سبيل التنزُّلِ في
المجادلة ـ؛ فإنَّما يَضِلُّ على نفسِهِ؛ أي: ضلالُه قاصرٌ على نفسه، غيرُ متعدٍّ إلى غيرِهِ،
{وإنِ اهتديتُ}: فليس ذلك من نفسي وحولي وقوَّتي، وإنَّما هدايتي بما
{يوحي إليَّ ربي}: فهو مادة هدايتي؛ كما هو مادةُ هداية غيري؛ إنَّ ربِّي سميعٌ للأقوال والأصواتِ كلِّها، قريبٌ ممَّن دعاه وسأله وعَبَدَهُ.