{الذي أحَلَّنا}؛ أي: أنزلنا نزول حلول واستقرارٍ، لا نزول معبرٍ واعتبار {دار المُقامةِ}؛ أي: الدار التي تدوم فيها الإقامةُ، والدار التي يُرغب في المقام فيها؛ لكثرة خيراتها وتوالي مسرَّاتها وزوال كدوراتها، وذلك الإحلال بفضلِهِ علينا وكرمِهِ، لا بأعمالنا؛ فلولا فضلُهُ؛ لما وَصَلْنا إلى ما وَصَلْنا إليه، {لا يَمَسُّنا فيها نَصبٌ ولا يَمَسُّنا فيها لُغوبٌ}؛ أي: لا تعبٌ في الأبدان ولا في القلبِ والقُوى ولا في كثرة التمتُّع. وهذا يدلُّ على أن الله تعالى يَجْعَلُ أبدانَهم في نشأةٍ كاملةٍ ويُهَيِّئُ لهم من أسباب الراحة على الدَّوام ما يكونون بهذه الصفة؛ بحيث لا يمسُّهم نصبٌ ولا لغوبٌ ولا همٌّ ولا حزنٌ. ويدلُّ على أنهم لا ينامون في الجنة؛ لأنَّ النوم فائدتُه زوالُ التعب وحصولُ الراحة به، وأهل الجنةِ بخلافِ ذلك، ولأنَّه موتٌ أصغر، وأهل الجنة لا يموتون. جعلنا الله منهم بمنِّه وكرمه.