أي: واضرِبْ لهؤلاء المكذِّبين برسالتك الرادِّين لدعوتِكَ مثلاً يعتبرونَ به ويكون لهم موعظةً إن وُفِّقوا للخيرِ، وذلك المثلُ أصحابُ القريةِ وما جرى منهم من التَّكذيب لرسل الله وما جرى عليهم من عقوبتِهِ ونَكاله، وتعيينُ تلك القريةِ لو كان فيه فائدةٌ؛ لعيَّنَها الله، فالتعرُّض لذلك وما أشبهه من باب التكلُّف والتكلُّم بلا علم، ولهذا إذا تكلَّم أحدٌ في مثل هذه الأمور؛ تجدُ عنده من الخَبْطِ والخَلْطِ والاختلاف الذي لا يستقرُّ له قرارٌ ما تعرِفُ به أنَّ طريقَ العلم الصحيح الوقوفُ مع الحقائق وتَرْكُ التعرُّض لما لا فائدة فيه، وبذلك تزكو النفسُ ويزيدُ العلمُ من حيث يظنُّ الجاهل أنَّ زيادتَه بذكر الأقوال التي لا دليلَ عليها ولا حُجَّةَ عليها ولا يَحْصُلُ منها من الفائدة إلاَّ تشويشُ الذهن واعتيادُ الأمور المشكوكِ فيها. والشاهدُ أنَّ هذه القريةَ جَعَلَها الله مثلاً للمخاطَبين. {إذ جاءها المُرْسَلونَ}: من الله تعالى؛ يأمُرونَهم بعبادةِ الله وحدَه وإخلاصِ الدين له، ويَنْهَوْنَهم عن الشرك والمعاصي.