فقال أصحاب القرية لرُسُلِهِم: {إنَّا تَطَيَّرْنا بكُم}؛ أي: لم نر على قدومكم علينا واتِّصالكم بنا إلاَّ الشرَّ، وهذا من أعجب العجائب؛ أن يُجْعَلَ من قَدِمَ عليهم بأجَلِّ نعمةٍ يُنْعِمُ اللهُ بها على العبادِ وأجلِّ كرامةٍ يكرِمُهم بها، وضرورتهم إليها فوق كلِّ ضرورةٍ، قد قدم بحالة شَرٍّ زادت على الشرِّ الذي هم عليه واستشأموا بها، ولكنَّ الخِذْلانَ وعدمَ التوفيق يَصْنَعُ بصاحبِهِ أعظمَ مما يَصْنَعُ به عدوُّه، ثم توعَّدوهم فقالوا: {لَئِن لم تَنتَهوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ}؛ أي: لَنَقْتُلَنَّكم رجماً بالحجارةِ أشنع القتلات، {ولَيَمَسَّنَّكُم مِنَّا عذابٌ أليمٌ}.