فلما أقسم تعالى على رسالته، وأقام الأدلَّةَ عليها؛ ذَكَرَ شدَّةَ الحاجة إليها واقتضاءَ الضَّرورة لها، فقال: {لِتُنذِرَ قوماً ما أُنذِرَ آباؤهم فهم غافلونَ}: وهم العربُ الأميُّون، الذين لم يزالوا خالين من الكتب، عادمين الرسل، قد عَمَّتْهُمُ الجهالة وغمرتْهُمُ الضلالة، وأضْحَكوا عليهم وعلى سَفَهِهِم عقولَ العالمينَ، فأرسل الله إليهم رسولاً من أنفسهم يزكِّيهم، ويعلِّمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لَفي ضلال مُبين، فينذرُ العربَ الأميِّين ومَنْ لَحِقَ بهم من كلِّ أميٍّ، ويذكِّرُ أهل الكتب بما عندهم من الكتبِ؛ فنعمةُ الله به على العرب خصوصاً وعلى غيرِهم عموماً.