ولا يحسبوا أيضاً أنَّهم في الدنيا غالبون، بل قد سَبَقَتْ كلمةُ الله التي لا مردَّ لها ولا مخالفَ لها لعبادِهِ المرسَلين وجندِهِ المفلِحين أنَّهم الغالبونَ لغيرِهِم المنصورون من ربِّهم نصراً عزيزاً يتمكَّنون فيه من إقامة دينهم. وهذه بشارةٌ عظيمةٌ لمن اتَّصف بأنَّه من جندِ الله؛ بأن كانت أحوالُهُ مستقيمةً، وقاتلَ مَنْ أمر بقتالهم أنه غالبٌ منصورٌ. ثم أمر رسولَه بالإعراض عَمَّنْ عاندوا ولم يَقْبَلوا الحقَّ، وأنَّه ما بقي إلاَّ انتظارُ ما يَحِلُّ بهم من العذاب، ولهذا قال: {وأبصرهم فسوفَ يُبْصِرونَ}: مَنْ يَحِلُّ به النَّكالُ؛ فإنَّه سيحلُّ بهم. {فإذا نَزَلَ بساحتِهِم}؛ أي: نزل عليهم وقريباً منهم، {فساء صَباحُ المُنْذَرينَ}؛ لأنَّه صباح الشرِّ والعقوبة والاستئصال. ثم كرَّر الأمر بالتولِّي عنهم وتهديدهم بوقوع العذاب.