سورة الصافات تفسير السعدي الآية 49

كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ ﴿٤٩﴾

تفسير السعدي سورة الصافات

فلمَّا ذَكَرَ طعامهم وشرابَهم ومجالِسَهم. وعمومُ النعيم وتفاصيلُه داخلٌ في قوله: {جنات النعيم}، لكن فصَّلَ هذه الأشياءَ لِتُعْلَمَ فتشتاقَ النفوس إليها؛ ذَكَرَ أزواجَهم، فقال: {وعندهم قاصراتُ الطَّرْفِ عِينٌ}؛ أي: وعند أهل دار النعيم في محلاَّتهم القريبة حورٌ حسانٌ كاملاتُ الأوصافِ قاصراتُ الطرفِ: إمَّا أنَّها قَصَرَتْ طَرْفَها على زوجِها لعفَّتِها، وعدم مجاوزتِهِ لغيرِهِ، ولجمال زوجِها وكماله؛ بحيث لا تطلبُ في الجنة سواه، ولا ترغبُ إلاَّ به. وإمَّا لأنَّها قَصَرَتْ طَرْفَ زوجها عليها، وذلك يدلُّ على كمالها وجمالها الفائق، الذي أوجب لزوجِها أن يَقْصُرَ طرفَه عليها. وقَصْرُ الطرفِ أيضاً يدلُّ على قَصْرِ النفس والمحبَّة عليها، وكلا المعنيينِ محتملٌ، وكلاهما صحيحٌ. وكلُّ هذا يدلُّ على جمال الرجال والنساء في الجنَّة ومحبَّة بعضهم بعضاً محبةً لا يَطْمَحُ إلى غيره وشدة عفَّتهم كلِّهم وأنَّه لا حَسَدَ فيها ولا تباغُضَ ولا تشاحُنَ، وذلك لانتفاء أسبابه. {عِيْنٌ}؛ أي: حسانُ الأعين جميلاتُها ملاحُ الحدق. {كأنهنَّ}؛ أي: الحور {بَيْضٌ مكنونٌ}؛ أي: مستورٌ، وذلك من حسنهنَّ وصفائهنَّ، وكون ألوانهنَّ أحسن الألوان وأبهاها، ليس فيه كدرٌ ولا شينٌ.