{كتابٌ أنزلناه إليك مبارَكٌ}: فيه خيرٌ كثيرٌ وعلمٌ غزيرٌ، فيه كلُّ هدى من ضلالة وشفاء من داء ونور يُسْتَضاء به في الظُّلمات، وكلُّ حكم يحتاج إليه المكلَّفون، وفيه من الأدلَّة القطعيَّة على كلِّ مطلوب ما كان به أجَلَّ كتاب طَرَقَ العالَمَ منذ أنشأه الله، {لِيَدَّبَّروا آياتِهِ}؛ أي: هذه الحكمة من إنزاله؛ ليتدبَّر الناسُ آياتِهِ، فيستخرِجوا علمَها، ويتأمَّلوا أسرارها وحِكَمَها؛ فإنَّه بالتدبُّر فيه والتأمُّل لمعانيه وإعادة الفكر فيها مرةً بعد مرةٍ تُدْرَكُ بركتُهُ وخيرُهُ، وهذا يدلُّ على الحثِّ على تدبُّرِ القرآن، وأنَّه من أفضل الأعمال، وأنَّ القراءة المشتملة على التدبُّرِ أفضل من سرعةِ التلاوةِ التي لا يحصُلُ بها هذا المقصودُ، {ولِيَتَذَكَّرَ أولو الألبابِ}؛ أي: أولو العقول الصحيحة، يتذكَّرون بتدبُّرهم لها كلَّ علم ومطلوب. فدَّل هذا على أنه بحسب لُبِّ الإنسان وعقله يحصُلُ له التذكُّر والانتفاعُ بهذا الكتاب.