لكنِ الغبنُ كلُ الغبن والفوزُ كلُّ الفوزِ للمتَّقين، الذين أعدَّ لهم من الكرامة وأنواع النعيم ما لا يُقادَرُ قَدْرُهُ، {لهم غُرَفٌ}؛ أي: منازل عاليةٌ مزخرفةٌ من حسنها وبهائها وصفائِها أنَّه يُرى ظاهرُها من باطنها وباطِنُها من ظاهرها، ومن علوِّها وارتفاعِها أنَّها تُرى كما يُرى الكوكبُ الغابرُ في الأفق الشرقيِّ أو الغربيِّ، ولهذا قال: {مِن فوقِها غرفٌ}؛ أي: بعضُها فوقَ بعضٍ {مبنيةٌ}: بذهب وفضة ومِلاطُها المسكُ الأذفر، {تجري من تحتها الأنهارُ}: المتدفقةُ المسقية للبساتين الزاهرة والأشجار الطاهرة، فتُغِلُّ أنواع الثمار اللذيذة والفاكهة النضيجة. {وَعْدَ اللهِ لا يُخْلِفُ الله الميعاد}: وقد وعد المتَّقين هذا الثواب؛ فلا بدَّ من الوفاء به؛ فَلْيوفوا بخصال التقوى؛ ليوفِّيَهُمْ أجورَهم.