{ومن يعملْ من الصالحاتِ}: دخل في ذلك سائر الأعمال القلبيَّة والبدنيَّة، ودخل أيضاً كلُّ عامل؛ من إنس أو جنٍّ، صغير أو كبير، ذكر أو أنثى. ولهذا قال: {من ذكرٍ أو أنثى وهو مؤمنٌ}: وهذا شرطٌ لجميع الأعمال، لا تكون صالحةً ولا تُقبل ولا يترتَّب عليها الثوابُ ولا يندفع بها العقابُ إلاَّ بالإيمان؛ فالأعمال بدون الإيمان كأغصان شجرةٍ قُطع أصلُها، وكبناءٍ بني على موج الماء؛ فالإيمان هو الأصل والأساس والقاعدة التي يُبْنَى عليه كل شيء، وهذا القيد ينبغي التفطُّن له في كلِّ عمل مطلقٍ ؛ فإنه مقيَّدٌ به. {فأولئك}؛ أي: الذين جمعوا بين الإيمان والعمل الصالح، {يدخُلون الجنةَ}: المشتملة على ما تشتهي الأنفس وتلذُّ الأعين، {ولا يُظلمون نقيراً}؛ أي: لا قليلاً ولا كثيراً مما عمِلوه من الخير، بل يجدونَه كاملاً موفَّراً مضاعفاً أضعافاً كثيرة.