{مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء}؛ أي: متردِّدين بين فريق المؤمنين وفريق الكافرين، فلا من المؤمنين ظاهراً وباطناً ولا من الكافرين ظاهراً وباطناً، أعطوا باطِنَهم للكافرين وظاهِرَهم للمؤمنين، وهذا أعظم ضلال يُقدَّر، ولهذا قال: {ومن يُضْلِل الله فلن تجد له سبيلاً}؛ أي: لن تجد طريقاً لهدايته ولا وسيلةً لترك غوايتِهِ؛ لأنَّه انغلق عنه بابُ الرحمة، وصار بَدَله كل نقمةٍ؛ فهذه الأوصاف المذمومة تدلُّ بتنبيهها على أنَّ المؤمنين متَّصفون بضدِّها من الصدق ظاهراً وباطناً والإخلاص، وأنَّهم لا يُجْهَلُ ما عندهم، ونشاطهم في صلاتهم وعباداتهم وكَثْرَةُ ذِكْرِهم لله تعالى، وأنَّهم قد هداهم الله ووفَّقهم للصراط المستقيم، فليعرِض العاقل نفسَه على هذين الأمرين، وليخترْ أيَّهما أولى به، والله المستعان.