ثم قال تعالى: {إن تُبْدوا خيراً أو تُخْفوه}: وهذا يشمل كلَّ خير قوليٍّ وفعليٍّ ظاهر وباطن من واجب ومستحب، {أو تعفوا عن سوءٍ}؛ أي: عمَّن ساءكم في أبدانكم وأموالِكم وأعراضِكم فتسمَحوا عنه؛ فإنَّ الجزاء من جنس العمل؛ فمن عفا لله؛ عفا الله عنه. ومن أحسن؛ أحسن الله إليه؛ فلهذا قال: {فإنَّ الله كان عفوًّا قديراً}؛ أي: يعفو عن زَلاَّت عباده وذنوبهم العظيمة، فيسدِلُ عليهم سِتْرَه، ثم يعاملهم بعفوِهِ التامِّ الصادر عن قدرته. وفي هذه الآية إرشادٌ إلى التفقه في معاني أسماء الله وصفاته، وأنَّ الخلق والأمر صادرٌ عنها، وهي مقتضية له ولهذا يعلل الأحكام بالأسماء الحسنى كما في هذه الآية، لما ذكر عمل الخير والعفو عن المسيء، رتَّب على ذلك بأن أحالنا على معرفة أسمائِهِ، وأنَّ ذلك يُغنينا عن ذِكْرِ ثوابها الخاص.