وقوله: {وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته}: يحتمل أن الضمير هنا في قوله قبل موته يعودُ إلى أهل الكتاب، فيكون على هذا كلُّ كتابي يحضُرُه الموت ويعاين الأمر حقيقة؛ فإنه يؤمن بعيسى عليه السلام، ولكنه إيمان لا ينفع؛ إيمان اضطرار، فيكون مضمون هذا التهديد لهم والوعيد أن لا يستمرُّوا على هذه الحال التي سيندمون عليها قبل مماتهم؛ فكيف يكون حالهم يوم حشرهم وقيامهم؟! ويحتمل أن الضمير في قوله: {قبل موته}: راجعٌ إلى عيسى عليه السلام، فيكون المعنى: وما من أحدٍ من أهل الكتاب إلا ليؤمننَّ بالمسيح عليه السلام قبل موت المسيح، وذلك يكون عند اقتراب السَّاعة وظهور علاماتها الكبار؛ فإنها تكاثرت الأحاديث الصحيحة في نزوله عليه السلام في آخر هذه الأمة؛ يقتُلُ الدجَّال، ويضعُ الجِزْية، ويؤمنُ به أهل الكتاب مع المؤمنين {ويوم القيامة}: يكون عيسى عليهم شهيداً يشهد عليهم بأعمالهم وهل هي موافقةٌ لشرع الله أم لا؟ وحينئذٍ لا يشهد إلاَّ ببطلان كلِّ ما هم عليه مما هو مخالف لشريعة القرآن، ولما دعاهم إليه محمدٌ - صلى الله عليه وسلم - عَلِمْنا بذلك لعِلْمنا بكمال عدالة المسيح عليه السلام وصدقِهِ، وأنَّه لا يشهدُ إلاَّ بالحقِّ، إلاَّ أنَّ ما جاء به محمدٌ - صلى الله عليه وسلم - هو الحقُّ وما عداه فهو ضلالٌ وباطلٌ.