وأنَّ الله أرسلهم مبشِّرين لمن أطاع الله واتَّبعهم بالسعادة الدُّنيويَّة والأخرويَّة، ومنذرين مَن عصى الله وخالفهم بشقاوة الدَّارين؛ {لئلاَّ يكونَ للناس على الله حجَّةٌ بعد الرسل}، فيقولوا ما جاءنا من بشيرٍ ولا نذيرٍ، قل: قد جاءكم بشير ونذيرٌ، فلم يبق للخلق على الله حجة؛ لإرساله الرسل تترى؛ يبيِّنون لهم أمر دينهم ومراضي ربهم ومساخِطَه وطرقَ الجنة وطرق النار؛ فمن كَفَرَ منهم بعد ذلك، فلا يلومنَّ إلا نفسه، وهذا من كمال عزَّته تعالى وحكمتِهِ؛ أن أرسل إليهم الرسل وأنزل عليهم الكتب، وذلك أيضاً من فضله وإحسانه؛ حيث كان الناس مضطرِّين إلى الأنبياء أعظم ضرورةٍ تقدَّر، فأزال هذا الاضطرار؛ فله الحمد والشكر، ونسأله كما ابتدأ علينا نعمته بإرسالهم أن يتمَّها بالتوفيق لسلوك طريقهم؛ إنَّه جوادٌ كريمٌ.