وقوله: {والله يريدُ أن يتوبَ عليكم}؛ أي: توبةً تلمُّ شَعَثَكُم وتجمع متفرِّقكم وتقرِّب بعيدكم. {ويريد الذين يتَّبِعون الشهواتِ}؛ أي: يميلون معها حيث مالت، ويقدِّمونها على ما فيه رضا محبوبهم ويعبُدون أهواءَهم من أصناف الكَفَرَةِ والعاصينَ المقدِّمين لأهوائهم على طاعة ربهم؛ فهؤلاء يريدون {أن تميلوا ميلاً عظيماً}؛ أي: أن تنحرِفوا عن الصراط المستقيم إلى صراط المغضوب عليهم والضالين، يريدون أن يصرفوكم عن طاعة الرحمن إلى طاعة الشيطان، وعن التزام حدود مَن السعادةُ كلُّها في امتثال أوامره إلى مَن الشقاوة كلُّها في اتباعه؛ فإذا عرفتم أنَّ الله تعالى يأمرُكم بما فيه صلاحُكم وفلاحُكم وسعادتكم، وأنَّ هؤلاء المتبعين شهواتهم يأمرونكم بما فيه غايةُ الخَسَارِ والشقاء؛ فاختاروا لأنفسكم أَوْلَى الداعيين وتخيَّروا أحسن الطريقتين.