يقول تعالى: {ولا تَسْتَوي الحسنةُ ولا السيئةُ}؛ أي: لا يستوي فعلُ الحسنات والطاعاتِ لأجل رضا الله تعالى ولا فعل السيئات والمعاصي التي تُسْخِطُه ولا تُرضيه، ولا يستوي الإحسانُ إلى الخلق ولا الإساءة إليهم لا في ذاتها ولا في وصفها ولا في جزائها. {هل جزاءُ الإحسان إلاَّ الإحسانُ}. ثم أمر بإحسان خاصٍّ، له موقعٌ كبيرٌ، وهو الإحسان إلى مَنْ أساء إليك، فقال: {ادفعْ بالتي هي أحسنُ}؛ أي: فإذا أساء إليك مسيءٌ من الخلق، خصوصاً من له حقٌّ كبيرٌ عليك؛ كالأقارب والأصحاب ونحوهم، إساءةً بالقول أو بالفعل؛ فقابِلْه بالإحسان إليه؛ فإنْ قَطَعَكَ؛ فصِلْه، وإنْ ظلمكَ؛ فاعفُ عنه، وإن تكلَّم فيك غائباً أو حاضراً؛ فلا تقابِلْه، بل اعفُ عنه وعامِلْه بالقول الليِّن، وإن هَجَرَكَ وترك خطابك؛ فطيِّبْ له الكلام وابذلْ له السلام؛ فإذا قابلتَ الإساءة بالإحسان؛ حصل فائدةٌ عظيمةٌ. {فإذا الذي بينَك وبينَه عداوةٌ كأنَّه وليٌّ حميمٌ}؛ أي: كأنه قريبٌ شفيقٌ.