وفي ذلك اليوم {ترى الظالمين}: أنفسَهم بالكفرِ والمعاصي، {مشفقينَ}؛ أي: خائفين وجلين، {مما كَسَبَوا}: أن يعاقَبوا عليه، ولمَّا كان الخائفُ قد يقعُ به ما أشفق منه وخافه وقد لا يقعُ؛ أخبر أنَّه {واقعٌ بهم}: العقابُ الذي خافوه؛ لأنَّهم أتوا بالسبب التامِّ الموجب للعقاب من غير معارض من توبةٍ ولا غيرِها، ووصلوا موضعاً فات فيه الإنظارُ والإمهالُ. {والذين آمنوا} بقلوبهم بالله وبكتبِهِ ورسلِهِ وما جاؤوا به، {وعملوا الصالحات}: يشمَلُ فيه كلَّ عمل صالح من أعمال القلوب وأعمال الجوارح من الواجباتِ والمستحبَّات؛ فهؤلاء {في روضاتِ الجناتِ}؛ أي: الرَّوضات المضافة إلى الجنَّات، والمضاف يكون بحسب المضاف إليه؛ فلا تسألْ عن بهجةِ تلك الرياض المونقةِ، وما فيها من الأنهار المتدفِّقة، والفياض المُعْشِبة، والمناظر الحسنة، والأشجار المثمرة، والطيورِ المغرِّدة، والأصوات الشجيَّة المطرِبة، والاجتماع بكلِّ حبيب، والأخذ من المعاشرةِ والمنادمةِ بأكمل نصيب؛ رياض لا تزداد على طول المدى إلاَّ حسناً وبهاءً، ولا يزدادُ أهلُها إلاَّ اشتياقاً إلى لَذَّاتِها ووداداً. {لهم ما يشاؤونَ}: فيها؛ أي: في الجنات؛ فمهما أرادوا؛ فهو حاصل، ومهما طلبوا؛ حصل، مما لا عينٌ رأتْ، ولا أذنٌ سمعتْ، ولا خطرَ على قلبِ بشرٍ. ذلك {الفضلُ الكبيرُ}: وهل فوز أكبرُ من الفوز برضا الله تعالى والتنعُّم بقربِهِ في دار كرامته؟!