وليس تفضيل عيسى [عليه] السلام وكونِهِ مقرّباً عند ربِّه ما يدلُّ على الفرق بينَه وبينَها في هذا الموضع، وإنَّما هو كما قال تعالى: {إنْ هو إلاَّ عبدٌ أنْعَمْنا عليه}: بالنبوَّة والحكمة والعلم والعمل، {وجَعَلْناه مثلاً لبني إسرائيل}: يعرِفون به قدرةَ الله تعالى على إيجادِهِ من دون أبٍ. وأمَّا قوله تعالى: {إنَّكم وما تعبدونَ من دونِ الله حَصَبُ جهنَّم أنتم لها واردونَ}؛ فالجواب عنها من ثلاثة أوجه: أحدها: أنَّ قوله: {إنَّكم وما تعبُدونَ من دونِ الله} أنَّ {ما} اسمٌ لما لا يعقل لا يدخل فيه المسيح ونحوه. الثاني: أنَّ الخطاب للمشركين الذين بمكَّة وما حولها، وهم إنَّما يعبدون أصناماً وأوثاناً ولا يعبدون المسيح. الثالث: أنَّ الله قال بعد هذه الآية: {إنَّ الذين سبقتْ لهم منَّا الحُسنى أولئك عنها مبعَدونَ}؛ فلا شكَّ أن عيسى وغيره من الأنبياء والأولياء داخلونَ في هذه الآية.