ولهذا قال: {فاصفحْ عنهم وقُلْ سلامٌ}؛ أي: اصفح عنهم ما يأتيك من أذيَّتِهِمْ القوليَّة والفعليَّة، واعفُ عنهم، ولا يبدر منك لهم إلاَّ السلامُ الذي يقابِل به أولو الألباب والبصائر للجاهلين؛ كما قال تعالى عن عباده الصالحين: {وإذا خاطَبَهُمُ الجاهلونَ}؛ أي: خطاباً بمقتضى جهلهم، {قالوا سلاماً}. فامتثل - صلى الله عليه وسلم - لأمر ربِّه، وتلقَّى ما يصدُرُ إليه من قومِهِ وغيرهم من الأذى بالعفو والصفح، ولم يقابِلْهم عليه السلام إلاَّ بالإحسان إليهم والخطاب الجميل؛ فصلوات الله وسلامُه على مَن خصه الله بالخُلُق العظيم الذي فَضَلَ به أهلَ الأرض والسماء، وارتفعَ به أعلى من كواكبِ الجوزاءِ، وقوله: {فسوفَ يَعلمونَ}؛ أي: غِبَّ ذُنوبهم وعاقبةَ جُرمهم.