أي: {وإذا تُتْلى}: على المكذِّبين {آياتُنا بيناتٍ}: بحيث تكون على وجهٍ لا يُمترى بها، ولا يشكُّ في وقوعها وحقِّها؛ لم تفِدْهم خيراً، بل قامت عليهم بذلك الحجة، ويقولون من إفكهم وإفترائهم {للحقِّ لمَّا جاءهم هذا سحرٌ مبينٌ}؛ أي: ظاهرٌ لا شكَّ فيه. وهذا من باب قلب الحقائق، الذي لا يروجُ إلاَّ على ضعفاء العقول، وإلاَّ؛ فبين الحقِّ الذي جاء به الرسولُ - صلى الله عليه وسلم - وبين السحر من المنافاة والمخالفة أعظم ممَّا بين السماء والأرض، وكيف يقاسُ الحقُّ ـ الذي علا وارتفع ارتفاعاً علا على الأفلاك، وفاق بضوئه ونوره نور الشمس، وقامت الأدلَّة الأفقيَّة والنفسيَّة عليه، وأقرَّت به، وأذعنت أولو البصائر والعقول الرزينة بالباطل الذي هو السحرُ الذي لا يصدُرُ إلاَّ من ضالٍّ ظالمٍ خبيث النفس خبيث العمل؛ فهو مناسبٌ له وموافقٌ لحاله؟! وهل هذا إلاَّ من البهرجة؟!